إن اللغة هي أساس التواصل بين الأفراد, ولا يستطيع أن يعيش فرد في مجتمع وهو غير قادر على التكلم بلغة أفراد هذا المجتمع وهذه مشكلة يعاني منها بعض الآباء, إذ أن أبنائهم قد يصلون إلى مراحل عمرية جيدة ولا يستطيعون لفظ الكلام أو التحدث إلى من حولهم, رغم قدرة الأطفال الآخرين والذين في مثل سنهم على القيام بهذه المهمة الضرورية للحياة بشكل طبيعي, وفي هذه الحالة يكون الطفل الغير قادر على التواصل بلغة الكلام مصاب بما يسمى بالضعف اللغوي.
وبشكل طبيعي يجب أن تتطور اللغة الكلامية عند الطفل بين عمري 2 إلى 5سنوات, كما لا بد أن يزداد عدد المفردات من 50 أو 100 إلى أكثر من 2000مفردة, وأن يتقدم لديه تركيب الجمل أيضاً من عبارات تتألف من 2 إلى 3 كلمات لتصبح جمل مرتبطة مع بعضها لا تخلو من القواعد اللغوية الرئيسية.
وإن أهم أسباب الضعف اللغوي عند الأطفال هو التأخر التطوري للغة ويكون بعدة أشكال, فهو إما ضعف لغوي في القدرة على الكلام ولكن القدرة على الفهم تكون جيدة ( وإن هذه الحالة هي الأكثر شيوعاً بين الأطفال), وتكون بنسبة 3% إلى 10% أكثر عند الذكور من الإناث, أو ضعف لغوي في استقبال الكلام وفهمه, أو ضعف في مخارج بعض الحروف.
وقد يكون سبب الضعف اللغوي عند الطفل عائد لضعف السمع, أو أمراض طيف التوحد, أو أمراض التخلف العقلي.
ولعلاج الطفل من هذه الحالة لا بد أولاً من تقييم وضعه اللغوي والنفسي, ومن المهم أيضاً التشخيص المبكر للحالة من أجل معرفة ما إذا كانت حالة الطفل ضعفاً في السمع, أو توحداً, أو حتى تأخر لغوي, فذلك أمر ضروري لتهيئة الطفل لغوياً قبل دخوله المدرسة وشعوره بالعجز أمام الأطفال الآخرين.
وبداية لكي يتعلم الطفل الكلام لا بد أن تكون اللغة المراد تعلمها موجودة (أي أن الطفل يسمعها دائماً), بالإضافة إلى أن المراكز الحسية المسؤولة عن استقبال اللغة يجب أن تكون سليمة, ثم يعتمد اكتساب اللغة على العوامل المحيطة بالطفل, كالنمط الذي يوجه به الأبوان أطفالهم, ومدى اهتمامهم بتعلم الأطفال اللغة.
وذلك يبدأ من السنة الأولى من عمر الطفل من خلال الحديث معه أو على الأقل التحدث على مسامع الطفل إن لم يكن الحديث موجهاً له, بالإضافة إلى دور الأم في ترديد أسماء الأشياء الموجودة في البيت أو الشارع مع طفلها, أو يمكن الاستعانة بالقصص الملونة التي تلفت نظر الطفل وتزيد من حصيلته اللغوية, مع الانتباه إلى تجنب الحديث بلغة الأطفال بل يجب استعمال كلمات بسيطة وجملاً واضحة.
ومن الضروري أن يختلط الطفل مع الأطفال الآخرين أكبر وقت ممكن, وأن يبتعد عن الجلوس أمام التلفاز صامتاً لفترة طويلة والأفضل أن تجلس الأم معه وتشرح له حول ما يشاهده, ومن الضار أيضاً أن يجلس الطفل ضعيف اللغة مع المربية الأجنبية لفترات طويلة لأن ذلك يقلل من حصيلته اللغوية.
كما لا بد من الامتناع نهائياً عن النقد أو الاستهزاء بحديث الطفل مهما كانت درجة ضعفه, وأيضاً حماية الطفل من سخرية الأطفال الآخرين, وذلك بالتعاون مع المعلمة أو مع أمهات الأطفال الذين يلعب معهم الطفل.
ومن المفيد أيضاً أن تروي الأم قصة لطفلها ومن ثم تطلب منه أن يعيد سردها بنفسه, على أن تقوم الأم بتشجيعه والتفاعل معه ومساعدته بقدر بسيط عند إعادة القصة للمرة الأولى, وتسمر معه على هذه الحالة كل يوم مع قصة جديدة.
وعلى الأم أن تعلم بأن التأخر اللغوي عند الطفل يساهم كثيراً في المشاكل السلوكية لديه, والتعامل الاجتماعي, والتعلم, هذا بالإضافة إلى أن اللغة تتيح للطفل التعبير عن مشاعره مثل الغضب أو الإحباط دون أن يقوم بتمثيل هذه المشاعر بأفعال, الأمر الذي قد يعرض الطفل المتأخر لغوياً إلى معدلات أعلى من نوبات الغضب وباقي أنواع السلوك المتجسدة بأفعال خارجية.
لهذا من المهم معالجة مشكلة التأخر اللغوي عند الأطفال بأسرع وقت ممكن, من خلال الرعاية والاهتمام والمثابرة من قبل الأهل عموماً والأم بشكل خاص, وإجراء الكشف الطبي من أجل معرفة طبيعة هذه الحالة, وكذلك يمكن الاستعانة بأخصائيين في التخاطب لتحسين القدرة اللغوية عند الطفل.
المصدر: منتديات فراشة حواء - للبنات للنساء للفتيات بنوتات - من قسم: حكم امثال عبارات لهجات مصطلحات لغوية مفردات