يُعرّف العنف ضد الأطفال بأن أي فعل أو الامتناع عن فعل، يعرض حياة الطفل وسلامته وصحته الجسدية والعقلية والنفسية للخطر - كالقتل أو الشروع في القتل - والإيذاء - والإهمال - وكافة الاعتداءات الجنسية.
وقد عرفت لجنة الخبراء الاستشارية للمنظمات غير الحكومية الدولية لدراسة الأمم المتحدة حول العنف ضد الأطفال العنف بأنه «العنف الفيزيائي» «الجسدي» «النفسي» «النفسي الاجتماعي» والجنسي ضد الأطفال من خلال سوء المعاملة أو الاستغلال كأفعال معتمدة مباشرة أو غير مباشرة تؤدي لوضع الطفل عرضة للمخاطر أو الاضرار بكرامته، وجسده، وبنفسيته أو مركزه الاجتماعي أو نموه الطبيعي.
ومن خلال التعريف السابق نستطيع أن نقول بأن العنف ضد الأطفال اصبح لدينا ظاهراً ولن استخدم ظاهرة حتى لا يشن البعض حملاتهم عليّ من منطلق إيمانهم بأننا مجتمع مثالي لا نعّذب أطفالنا، ولا نسيء معاملتهم، ولا نتعمد ايذاءهم نفسياً أو جسدياً.
كارثة الطفلة غصون - رحمها الله - التي ذهبت ضحية القسوة والتعذيب الجسدي تعتبر آخر الكوارث المكتوبة وليست آخر الكوارث التي تجري داخل اسوار المنازل.
ولن اتطرق للتعذيب الهائل الذي مارسه عليها الأب القاسي والذي انتزعت من قلبه كل رحمة، وزوجة الأب المتجبرة التي مارست كل فنون التعذيب في ظل مباركة من الأب الذي اصر على انتزاعها من حضن أمها والاستمتاع بتعذيبها بالضرب بالعصا والركل والرفس وسكب مادة الكلوركس يومياً على جسدها حتى غابت ملامحها تماماً.
لا أتخيل أن أحداً شاهد صورها وهي طفلة جميلة، تتزين بملابس الطفولة وترتدي حلة الانطلاق إلى الحياة، بابتسامة بريئة صاخبة، ومن ثم شاهد صور بقايا إنسان بريء مرهق من التعذيب، تكسرت أسنانها، واحترقت ملامحها الا واعتصره الألم والوجع، وعاف لحظة فرحه وطالب بمعاقبة هذا الأب المجرم، وزوجة الأب المجرمة ،من حق الأم ألا تتنازل عن القصاص والجريمة واضحة، يقول الطبيب المشرف على غصون - رحمها الله - انه عندما وصلت إلى المستشفى كانت اصابتها البليغة أكبر من أن يتمكن الأطباء من إنقاذها، فقد كان الجسم مكسّراً، والطفلة تتقيأ دماً حتى فارقت الحياة.
ويبدو أن الطفلة كما قالت والدتها مقدر لها أن تموت على يد والدها، بعد أن حاول قتلها وهي جنين من خلال الاعتداء على الأم وممارسة كل فنون التعذيب والربط بالسلاسل ولكن الله سبحانه وتعالى كتب لها أن تولد ويعاود مرة أخرى قتلها مع زوجته. منعها من الدراسة بعد أن سحبها من أمها وانتقل بها إلى حيث سكنه في مكة المكرمة وقد تنبهت الأم للتعذيب الذي تتعرض له الطفلة فأبلغت الجهات المسؤولة، والشرطة التي أخذت على الأب تعهداً، وكما تقول نائبة جمعية حقوق الإنسان الأستاذة الجوهرة العنقري، أن مثل هذه التعهدات لا تعني شيئاً لمن اعتادوا على ممارسة التعذيب مع زوجاتهم أو أطفالهم، فهو يكتب التعهد من هنا، ويخرج ليضرب، أو يعتدي على من تعهد أن لا يؤذيه، وفي مثل حالة غصون عاود الأب بعد التعهد ممارسة التعذيب مع زوجته السادية التي اعترفت في التحقيقات بسكب ماء النار على الطفلة وضربها بالاشتراك مع الأب، وكأنها حفلة يستمتعان بحضورها.
الكارثة الاخرى ليست في التعهد فقط ولكن في علم العم الإنسان بأن ابنة اخيه البريئة تتعرض للتعذيب، وعدم صمته على ما يجري، حيث ناقش الأب مراراً حول الاعتداءات التي تتعرض لها غصون، وحاول منعه من ضربها وتعذيبها، واشتكى أخاه إلى جمعية حقوق الإنسان ودار الرعاية الاجتماعية بمكة، التي حضرت إلى الدار لكن الأب القاسي منعها من الدخول ومعاينة حالة الطفلة المسكينة التي كان التعذيب ظاهراً عليها.
وبدلاً من أن يرحم الأب غصون من العذاب تقدم بشكوى ضد أخيه إلى شرطة الكعكية بمكة اتهمه فيها بالتدخل في شؤونه الخاصة وتهديده بعد أن وبخه على تعذيبه لابنته.
ضابط التحقيق استدعى عم الطفلة مستفسراً عن ادعاء شقيقه ضده وعن شكوته ايضاً لدار الرعاية الاجتماعية، وابلغ العم الضابط بأن شقيقه يقوم بضرب غصون وتعذيبها بشكل قاسٍ، فما كان من ضابط التحقيق إلا أن اخذ تعهداً على العم بعدم التعرض لأخيه وتركه.
والسؤال كيف يأخذ على العم تعهداً دون أن يتأكد من حالة الطفلة موضوع الشكوى؟