ماء الرجل وماء المرأة
عن ثَوبان مولى رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : كنت قائماً عند رسول
الله صلى الله عليه و سلم فجاء حَبر من أحبار اليهود فقال : السلام عليك
يا محمد ، فدفعته دفعة كاد يصرع منها ، فقال : لم تدفعني ؟ فقلت : ألا
تقول يا رسول الله ؟ ! فقال اليهودي : إنما ندعوه باسمه الذي سمَّاه به
أهله ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن اسمي محمد الذي سمَّاني
به أهلي " فقال اليهودي : جئت أسألك ، فقال له رسول الله صلى الله عليه و
سلم أينفعك شيء إن حدثتك ؟ قال : أسمع بأذني . فَنَكت رسول الله صلى الله
عليه و سلم بعُود معه فقال : سَل . فقال اليهودي : أين يكون الناس يوم
تَبَدَّلُ الأرض غير الأرض والسماوات ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : هم في الظلمة دون الجسر . قال : فمن أول الناس إجازة ؟ قال : فقراء
المهاجرين . قال اليهودي : فما تُحفتهم حين يدخلون الجنة ؟ قال : زيادة
كَبِدِ النون . قال : فما غذاؤهم على إثرها ؟ قال : ينحر لهم ثَور الجنة
الذي كان يأكل من أطرافها . قال : فما شرابهم عليه ؟ قال : من عين فيها
تُسمى سلسبيلا . قال : صدقت . قال : و جئت أسألك عن شيء لا يعلمه أحد من
أهل الأرض إلا نبي أو رجل أو رجلان . قال : ينفعك إن حدثتك ؟ قال : أسمع
بأذني ، قال : جئت أسألك عن الولد ؟ قال : ماء الرجل أبيض و ماء المرأة
أصفر فإذا اجتمعا فَعلا مَنِيُّ الرجل مَنِيُّ المرأة أذكرا بإذن الله ،
وإذا علا مَنِيُّ المرأة مَنِيُّ الرجل آنثا بإذن الله . قال اليهودي :
لقد صدقت و إنك لنبي . ثم انصرف فذهب ، فقال رسول الله صلى الله عليه و
سلم لقد سألني هذا عن الذي سألني عنه و مالي علم بشيء منه حتى أتاني الله
به . صحيح مسلم في كتاب الحيض 315
شرح ألفاظ الحديث :
الحبر : العالم . الجسر : المراد به الصراط . الإجازة : العبور و المرور . تحفتهم : ما يهدى لهم . النون : الحوت .
و هذا الحديث الشريف إعجاز كامل أيضاً ، فالبشرية لم تعلم بواسطة علومها
التجريبية أن الجنين الإنساني يتكون من نطفة الرجل و نطفة المرأة إلا في
القرن التاسع عشر الميلادي ، و تأكَّد ذلك لديها بما لا يدع مجالاً للشك
في أوائل القرن العشرين .
وتضمن الحديث أيضاً وصفاً لماء الرجل و ماء
المرأة ، فإن ماء المهبل يميل إلى الصفرة وكذلك الماء في حويصلة جراف ، و
عند خروج البويضة من هذه الحويصلة تدعى حينئذ الجسم الأصفر؛ و هذا أيضاً
من الإعجاز لأنه لم يكن معلوماً آنذاك .
و أشار الحديث أيضاً إلى أن
إفرازات المهبل لها تأثير في الذكورة و الأنوثة ، فالعلماء يقررون أن
إفرازات المبيض حمضية و قاتلة للحيوانات المنوية ، و إن إفرازات عنق الرحم
قلوية و لكنها لزجة في غير الوقت الذي تفرز فيه البويضة ، و ترق و تخف
لزوجتها عند خروج البويضة ، و لابد لهذه الإفرازات من تأثير على نشاط
الحيوانات المنوية المذكرة أو المؤنثة ، و العلماء المختصون لم يتأكدوا من
هذا بعد ، و لكن الحديث الشريف يشير إلى إمكانية حدوث هذا الأمر ؛ و الله
تبارك و تعالى أعلم [ خلق الإنسان بين الطب و القرآن] .
المصدر : " الأربعون العلمية " عبد الحميد محمود طهماز - دار القلم